الإكتئاب ومدى علاقته بإستخدام المخدرات والعلاجات السلوكية والمعرفيّة

يعتبر العصر الذي نعيشه عصر الإكتئاب إذ توجد في حياتنا اليومية العديد من الإنفعالات التي تمثّل في مجملها أشكالاً للحزن. وتندرج الإنفعالات العامة التي نمر بها كالحب والفخر والإزدراء والحزن والفزع وغيرها تحت خمسة أنواع من المشاعر هي الحب والسعادة والغضب والحزن والخوف.

وبالتالي كما تشير اليه معظم الدراسات الحديثة أكثر مشكلات الصحّة النفسّية شيوعاً وانتشاراً في المدن المعاصرة المسمّاة متقدّمة وهو يمثّل أحد اضطرابات الوجدان.

عند كل إنسان سويّ أوهام إيجابية تحرّكه وتساعده على العيش والتقدّم: لكنّ المصاب بالإكتئاب يبدو على العكس فرداً لعبت به أوهام الإحساس بانعدام الفعالية أو حتّى فرداً يبدو أكثر تعقّلاً من السويّ لكنّه أكثر حزناً.

فالإنسان الضعيف والمتألّم يتكبّد تموّج وأحياناً إخفاقات توازُنهِ النّفسي: من فتور الهمّة الى التّشاؤم من اليأس الى الهوّة فالإنتحار.

ينبغي هنا التّمييز بين حالات الحزن وحالات الإكتئاب التي تبقى ضمن إطار السّواء: فالإنسان يمر بمراحل اكتئاب سأم وحزن في حياته إنّما يكفيه الخروج قليلاً، التحدّث وتغيير الأفكار ليحسّ بأنّه في حال أفضل بلحظات سيّئة إذ يستحيل الإحساس طيلة الوقت بالإرتياح والسّعادة.

بإختصار نقول أن الإكتئاب هو أزمة إكلينيكيّة يسيطر عليها المزاج الإكتئابي الذي يترجم عبر التّعبير الّلفظي وغير اللّفظي بمشاعر حزن تترافق غالباً مع قلق وسخط وحتى غضب.

هذا وتطال الإنعكاسات السلبيّة المستوى السّلوكي عند الفرد المصاب إذ يتعرّض لتباطؤ حركي هام لسرعة الإستثارة ، لتناقص في السلوكيّات السّلبيّة وغير المنتجة عنده.

تشير الدراسات الى أنّ 25% من الناس هم معرّضون للإكتئاب خلال مسيرة حياتهم وتفترض بعض الدراسات معدلات تتراوح ما بين 2,2 الى 3,5% لإضطراب الإكتئاب الرئيسي وبين 2,1% و 3,8% للإكتئاب البسيط.

يبدو هذا الإضطراب أكثر شيوعاً عند الإناث منه عند الذكور مع تمايز لظهوره خلال فترتين من العمر: الأولى ما بين العشرين والثلاثين والثانية ما بين الخمسين والستّين عاماً: لكنّه قد يظهر عموماً في كل الأعمار.

ليس هناك سبب يؤدّي لحدوث المرض بل هناك تداخل قائم بين تاثير عدد العوامل المتنوّعة لا بد أن تتفاعل فيما بينها لإحداث الإضطراب.

امّا حدوث الإكتئاب فسيلتزم وجود عامل داخلي كالأفكار السوداء ومختلف الإنفعالات السلبيّة المرتبطة بها.

هناك كما يقول بيك على الأقل ستّة مستويات من الأسباب تتفاعل فيما بينها: المستوى الجيني، مستوى النّمو، مستوى الشّخصية، مستوى العيادة_ المعرفية لنوبة الإكتئاب، مستوى التّشريح الوظائفي العصبي، مستوى الإنعصاب والمعرفيات الحامية.

هناك حسب تينيول ثلاث طرق علاجيّة للإكتئاب: العلاج السلوكي(La thérapie comportementale ، العلاج المعرفي La thérapie cognitive ، والعلاج التفاعلي La thérapie interpersonnelle 

ولكن اعتبر العلاج المعرفي – السلوكي أكثر الأساليب العلاجيّة الشّائعة الإستخدام مع مرض الإكتئاب وقد أثبتت فعاليتها الكبيرة في هذا المضمار. وهي تتضمّن فنّيّات متعدّدة يمكن للمعالج المعرفي – السّلوكي استيحاء ما يتناسب منها مع الشّخص.

أمّا بالنسبة لموضوع الإكتئاب ومدى علاقته بإستخدام المخدرات فتبقى العلاقة وطيدة جداّ بين إستخدام المخدرات والكحول ودرجة الإكتئاب ونستطيع القول أنّ المخدرات وطرق إستخدامها تؤدّي الى الكآبة كما والعكس صحيح أنّ بعض مرضى الإكتئاب يلجأون لإستخدام المخدرات والمواد المخدرّة.

إنّ المخدّرات تربط بين الأسباب الثلاثة التالية:

الشّخص، المحيط، والمواد. فكثرة الإدمان يجعل بالشخص يميل لقوقعته الخاصة به بعيد عن عائلته ومحيطه، عن مدرسته أو جامعته، وعن أصحابه الأسوياء والأصحّاء وهذا البعد يدفع به ليكون قد دخل في عالم خاص مليء بالكآبة والقلق والإنطوائيّة وعدم مجاراة الحياة اليوميّة وكثرة الستخدام تؤدّي الى تغييرات جسديّة والّتي هي سبب من أسباب الميول للكآبة.

بقلم المعالجة النفسيّة في جمعيّة نسروتو - علية إبن الإنسان، مركز تأهيل المدمنين والمدمنات على المخدرات في زحلة السيدة إليز شبيب

SUBSCRIBE TO OUR NEWSLETTER